هل من السداد الاستثمار في خدش الحياء والقيم في رمضان

بينما تصفد شياطين الجن، يختار الإعلام العربي بشكل عام شهر رمضان لبث ونشر كل ما لا سقف له من خادش للحياء وللقيم ومنتهك للحرمات. ومنذ سنوات، بدأ الإنتاج الفني الموريتاني – على ضعفه وقصور قدراته الفنية – مواكبة هذا المسار العربي بإنتاج يخاطب الغرائز أكثر مما يتوجه إلى الأفكار والقيم.
بات من الطبيعي أن يتم عرض مشاهد مزرية بالأخلاق، وتناول قضايا المجتمع من زاوية الغريزة والخيانة الزوجية والانهيار القيمي فحسب.
أو في أحسن الأحوال، الرهان على كمية الضحك الممكنة من خلال تكثيف مشاهد الطرافة، المعلولة في السذاجة. أما الرسالة الواعية القادرة على التغيير الحسن فهي الغائب الأبرز.
لا يوجد في الإنتاج الفني أي عرض يعزز القيم أو يسائل التاريخ أو يظهر الفساد المالي والسياسي الذي ينخر البلد. وحدها الغريزة وقضايا المرأة هي ما يشغل الإنتاج الفني في هذه البلاد، تقليداً واسترجاعاً لسيطرة ومركزية المرأة في الفن الهابط الذي يتسيد العالم العربي بشكل عام.
ويمكن أن تتفاجأ إذا عرفت أن ما يُنفق على السينما والإنتاج الفني في عالمنا العربي يفوق ما تنفقه هذه الدول على التعليم والتسليح.
لكن الأنكى من ذلك هو استثمار مؤسسات – يُفترض فيها كثير من الحرص على الصالح العام والارتباط بالقيم – فيما يمكن اعتباره دون مواربة خدشاً مؤسساً للقيم وإفساداً للشباب، وتركيزاً على الفتيات، وكسر حاجز الحياء والخلق الحميد.
واستجابة لرغبات المشاهدين، تتجه كثير من المؤسسات للتعاون مع المشاهير وصناع الشهرة، وهو ما وسع من ثقافة السب والتشهير والبذاءة، وتشجيع هذا النمط من السلوك السلبي.
لا عجب أن يتنمر الابن أو يتسكع النائب أو يزمجر في قناة أجنبية لينفث سمه وكذبه وتزويره للحقائق، لأن ذلك يلفت الانتباه إليه ويجلب له الشعبية والمكانة.
ألم يكن الأولى ونحن في رمضان دعم البرامج الدينية الهادفة، مثل مختلف أنواع المسابقات والبرامج العملية التي ترفع وتيرة الإنتاج وتزيد من كفاءته؟
وبدلاً من ذلك، تعمد مؤسساتنا المهمة في تنمية المحتوى الهابط وتشجيع نوعيات لا تتقيد بالمحتوى الأصيل.
ليس من السداد سلوك مثل هذه السبل، وليس من وسائل الترويج السير إلى مثل هذه المزالق، بل هو أكثر ما يدمر المصداقية ويهزم الاستثمار، بل ويقطع الطريق أمام الربح. فمتى يستفيق من يسلمون رؤيتهم الإعلامية ومشاريعهم التسويقية إلى المشاهير الذين لا يملكون أي قدرة سوى البذاءة وكسر حاجز حرمة الشعر أو شعور الناس؟
هنالك الآن حاجة ماسة إلى هيئات رقابة ذاتية لدى شركات الإنتاج الهشة أصلاً، لكي تحدد معايير للجودة أكثر احتراماً للدين والقيم. وثمة حاجة أكثر لمؤسسة رقابية فعالة، تتيح وتؤذن بالنشر لما لا يخدش حياءً ولا يعارض قيمة شرعية. أما مجرد إنتاج السماجة، ففي القاع منه ما يكفي.
موقع الفكر